الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
إن شبابنا يعيش أزمة مراقبة الله -عز وجل-، يفتقد الوازع الداخلي الذي يجعله يقبل على الخير طواعية لله -عز وجل-، ويعزف عن الشر طواعية لله -عز وجل-.
قال -صلى الله عليه وسلم-: «ضرب الله تعالى مثلا صراطا مستقيما ، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا ولا تتعوجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه؛ فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم» [صححه الألباني].
هذا ما يفتقده الشباب: واعظ الله في قلب كل مسلم، لا يشعر به الشاب لأنه يغرق في تلك الأبواب التي نهانا الشرع أن نفتحها «ويحك لا تفتحه إنك إن تفتحه تلجه»، أين هذا الواعظ؟ أين هذا الصوت في قلب الشباب؟!
هذه هي الأزمة التي يعيشها الشباب؛ اختفاء هذا الصوت، ولكنه موجود، وعلى الشباب البحث عنه والوصول إليه بأسرع ما يمكن، لأنه صمام الأمان بالنسبة للشباب ولكل مسلم «ويحك لا تفتحه إنك إن تفتحه تلجه».
تذكر دوماً أخي الشاب هذا النداء -هذا الصوت- الذي يأتيك من الأعماق، من القلب، من النفس اللوامة، من الفطرة، من جوف الصراط، ولا تفتح على نفسك أبواب الفتن والشهوات «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه» [رواه مسلم].
أخي الحبيب:
ما صغَّر النفس مثل معصية الله، وما كبرها مثل طاعة الله، فجاهد نفسك على ما يحب الله وإن كرهته، أغلق أبواب الفتن واترك النظر للنساء والصور واترك سماع الأغاني والموسيقى والاستمناء والزنا واللواط وشرب الخمر فإنها من كبائر الذنوب وجاهد نفسك وأكرهها على الطاعة حتى تألفها.
أخي الحبيب:
أكره نفسك حتى تدخل الجنة، وتكون من هؤلاء السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، ومنهم: شاباً نشأ في طاعة الله، لماذا لا تكون أنت ذلك الشاب أو هذا: ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله.
أو ذلك الرجل: ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.
أخي الشاب الخلاص... الخلاص.
لا تقل: "أنا كثير الذنوب" فقط، ولكن قلها وتب إلى الله، قال -صلى الله عليه وسلم-: «يجيء الناس يوم القيامة، ناس من المسلمين، بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى..» [رواه مسلم].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ما من عبد مؤمن إلا و له ذنب، يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه، حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خلق مفتنا، توابا، نسيا، إذا ذكر ذكر» [رواه الطبراني وصححه الألباني].
أخي الحبيب المجاهَدة... المجاهَدة.
فالمؤمن ليس بمعصوم عن الخطأ، فهو قد يقع في الذنب، ولكن يتوب فلا يتمادى، بل يعود ويرجع ويقوم من ذنب ويقع في ذنب، ولكنه رجَّاع إلى ربه؛ تواباً إذا وقع منه الذنب أسرع إلى التوبة والإنابة.